الرجوع
تدوينة

الإذاعة الأخيرة

الإذاعة الأخيرة
تدوينة قصيرة
تدوينة قصيرة
مشاركـة

في النص التالي الذي تحتضنه الأقواس، كلمة خريجات 2020 -العام الأول لجائحة كورونا- والتي وصلت للخريجات ومنسوبات الثانوية 52 بجدة عبر الشبكات ومواقع التواصل الاجتماعي، لعل الكلمات تربت على أكتافنا جراء الخيبة الذي أُصبنا بها بعد حلمٍ دام 12 عامًا.. لعل الكلمات تروينا!

لم أحبذ أن أنقح الكلمة كثيرًا..، أريدها بكلماتها الأولى، مشاعرها الأولى.. وخصوصيتها الأولى..

قراءة ممتعة..

}

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: إذاعتنا لهذا اليوم بعنوان..

" الأحد، الموافق 8/مارس/2020‪ كان آخر يوم نصطف فيه لنسمع هذه العبارة، لم نكن نعلم أن يوم الإثنين هو يوم انتقالنا لمرحلة جديدة، سلامي لأولئك الذين حار الناس في وصفهم وأبوا إلا أن يخلد اسمهم بين سطور التاريخ..‬‬

الدفعة القوية جدًا ٢٠٢٠، لطالما انتظرنا اليوم الذي نستلم فيه وثائقنا ونقف صفًا لننشد "سوف نبقى هنا" ونقسم قسم الوفاء بالصداقة والبقاء على عهدها المطير، لكم كنا ننتظر أن نرقص بهجةً وندمع فرحًا ونودع بالأحضان الصرح المجيد الذي ألف بعد الله قلوبنا.. لكم! نحن الذين تخرجنا خلسةً في يومٍ خاطف، تركنا مقاعدنا وبعض أوراقنا ومستلزماتنا علّنا نعود يومًا لكن مقاعدنا أصبحت أمًا للغبار وفصولنا موطنًا للطيور، نتسلل حذرًا لنتناول وثائقنا وبيننا أمتار الأمتار.. لا غناء.. لا وداع ولا أحضان! ولكن..! يا دفعة 2020 الدفعة العظيمة، رغم توالي كل الأحداث إلا أنكم لم تؤجلوا الفرح إلى الغد، أثبتنا أن الفرح موطنه القلب وما دون ذلك فهي أسباب في محيطنا إن توافرت فأهلاً وسهلاً.. وإن لم تأتِ فسنرقص بعيدًا وخلف الشاشات، نحن الذين لم نسير في مسيرة ولم تُلقى على آذاننا كلمة الخريجات، سنكتب ألف ألف سطر وما ذلك بكافي لنا، في كل ركنٍ صنعنا ذكرى وفي كل ممر هناك حدث وفي كل يوم هناك العديد من القصص..

حارت المشاعر والأحرف في وصفكم! فلتشهدي يا أرض! فلتشهدي يا أرض أننا جعلنا من أراضيكِ الزهيدة باهضة والقاحلة ممطرةٌ مثمرة، فلتشهدي يا أرض يوم ما نحشر أننا أخلصنا ووفينا..فأوفِ..

فلتكتب يا تاريخ فلتكتب قصة أولئك الذين عادوا من مدارسهم في يوم عادي ليناموا مبكرًا وليعودوا إليها.. لكنهم لم يعودوا إليها إلا لاستلام وثائقهم..!

فلتكتب أننا هرمنا من أجل يوم نرفع فيه القبعات للسحاب، لكننا آثرنا على أنفسنا فتخرجنا مناضلين متواضعين..

أنتم لم تنالوا الدرجات العلا بفضل الظروف والأحداث بل نلتموها بفضل الله ثم بجهدكم، أولئك المخلصين الذين لم يرتووا من العلم وبقوا ظمآنين يُسقون من العلم حتى من الشاشات هنيئًا لكم تسبيح الحوت وطريق الجنة، هنيئًا يا سادة الطرس والقلم..

إلى اللاتي فرحن بفرحنا وهن مطرزاتٌ له، اللاتي سقيننا من فيض الحب والعلم والإخلاص، معلماتي...

بكل بلاغة اللغة وفصاحة اللسان التي ورثناها منكن، شكرًا لكم من نهر سلسبيل عذب لا ينضب..

طالما تجرعتم مرارة الشغب اللذيذ بالنسبة لنا وتغاضيتم عن أخطاء عدة، معلماتي.. كلنا اليوم نقف تقديرًا وامتنانًا لكم، كنتم كنهرٍ جارٍ يطل علينا كل صباح ويلقي على ضفتيه الكنوز، معلماتي.. أنا هنا - بشخصي- ألقي عليكم عهد وميثاق ما حييت... ما زرعتموه لن يذبل والأرض التي أمطرتم عليها لن تجف والقيم التي تكرّست بداخلي لن تبور ولن تختفِ!

لكل مناضلات المستوى السادس العلمي عامة ولفصل ٢/٣ علمي خاصة، كنت محظوظة جدًا لوجودي بينكم، كنتم كالقلب الذي يعزف والمطر الغزير، شكرًا لله الذي كتب القدر أن ألقاكم وأن اكون جزءًا منكم، تعلمت منكم أن أعيش كل لحظة وأن كل لحظة يمكننا أن نجعلها لحظة مميزة لا تنسى ما دمنا سويًا..

علمتموني كيف أحب وكيف أمطر...كنتم كالدرع والسند!

عشنا لنفرح سويًا وننجز سويًا وندعم بعضنا البعض،أحببتم بعضكم حتى فاض نوركم لكل المدرسة، كنتم الشمس والمطر والنور لصرحنا و.. لـ جنى!

كونوا كما عهدتكم مهما تمزقت بيننا المسافات..

بدأتُ بإذاعة الصباح.. دعوني أنهيها..

مديرتي الفاضلة، أيها الكادر الإداري الرشيد، معلماتي الفاضلات..

أيها الصرح المجيد!

الصرح الذي مكنني من معرفة صديقة من نور وصديقات من ذهب.. شكرًا..

ختامًا لكم مني.. من مشارق الأرض ومغاربها، وماضيها وحاضرها وآتيها.. والأثر الباقي الجميل وأرق القصص..

لكم مني كل التحيات..

{💛جنى