الرجوع
تدوينة

النافِذة و المنفَذ

النافِذة و المنفَذ
تدوينة قصيرة
تدوينة قصيرة
مشاركـة

مرحبًا ..

قيل "دائمًا اجعل من يراك يتمنى أن يصبح مثلك، ومن يسمع عنك يتمنى مقابلتك، ومن يعرفك يدعو لك بالخير ".

منذ صغري وأنا أبدو كمن يبحث عن بصيص الفرص لانتهاز أن يكون كذلك، كنت دائم السعي إلى الأفضل، إلى ترك بصمةٍ يُحتذى بها، حتى أصبح في جميع الأماكن التي تمنيت يوماً أن أكون فيها. لذلك قررت الانضمام إلى بودكاست مسودة ككاتب، يحترف الكلمة ويَخيط المعنى الذي في بطن الفراغ. كنت ومازلت دائم الإنصات إلى من حولي، أضحك إذا ما ضحكوا وأتألم متى ما شعروا بالألم، ولأنني أكره أن أقف مكتوف الأيدي أقرر دائمًا أن أكون العون والمساعد والمنقذ. أنصت لأفهم معنى ما يحصل في الأثناء، كي أستطيع أن أجعل منه سطورًا قابلة للكتابة، ولأن في مسودة دائماً ما تُقدّم المواساة على طبقٍ من اللطافة كان لوقع إلقاء كلماتي من خلال عبدالرحمن شجنٌ بهي. عندما كتبت المسودّة الأولى أصابني شيءٌ من الإنكار، أن ما أسمعه الآن لا يعقل أن يكون أنا من كتبه، ثم تصدرت الحلقة باستماعاتٍ فاقت ذهولنا جميعًا، وما عزمت عن إكمال الطريق إلا بعد أن شاركتني إحدى الصديقات رابط الحلقة دون أن تعلم بأمر انضمامي.

لطالما كنت شخصًا بائسًا سعى لزرع الأمل لمن هم حوله حتى ينعكس ما يزرعه عليه. يحدث أن تقف أمام خيباتك عاجزًا عن التصرف حيالها، أن تخبر ألمك ألا يبكي، وأن كل هذا سيمضي، أن ما أنت عليه الآن ليس ما أردته ويجب عليك أن تقاتل رغم هشاشة قدرة ظهرك على الاستقامة، تعبر الأيام الصعبة بيدٍ واحدةٍ راجيًا من الله القوة، وهذا تحديدًا ما جعلني أصر على تقديم صوتي بهذه الصورة، تقديم كلمتي بهذا الصوت. أن أكون صديقًا لمن لا يملك الصديق، أن أكون الصوت الداخلي الحازم لمن يملك صوتًا مترددًا، أن يكون الإقدام بدلًا من التردد، والأمل بدلًا من اليأس.

unsplash-image-F5Dxy9i8bxc.jpg

ثم مع مرور الأيام قررت أن أركز على إجابة (كيف تكون كاتبًا بارعًا)، وكنت أردد في نفسي كثيرًا: أنت كاتب! تصرف وفقًا لذلك.

أضافت لي الكتابة الكثير من المشاعر الرائعة التي لم أتوقع يومًا أن أشعر بها. كنت سابقًا دائم التركيز على مواطن ضعفي لسردها، كنت أملك مهارة الدقة في كتابة الوصف، وعندما لاحظت ذلك معلمتي حينما كنت في الصف الثاني ثانوي أجبرتني على المشاركة في مسابقة كتابة أفضل قصة قصيرة. قاموا بتدريب المشاركين الذين كنت من ضمنهم على أساسيات الكتابة، حينها كتبت قصة حزينة للغاية مليئة بتفاصيلٍ أذهلت لجنة التحكيم، لم يرق الموضوع لعائلتي في البدء، انهال الجميع عليّ فجأة بوابلٍ من الاعتراضات، اقترح علي معظمهم أن أجرب كتابة شيءٍ مفرح كما يقولون، وكل محاولتي في كتابة الأشياء المفرحة انتهى بها الطريق إلى حاوية النفايات. حينها أيقنت أن الكتابة حينما نشعر بالحزن أسهل بكثير من الكتابة حينما نشعر بالسعادة، لأنه وببساطة بإمكاننا أن نعبر عن سعادتنا بالقهقهة واللعب والجري ومخاطبة الأصدقاء والرقص، أما حينما نصبح عكس ذلك يصيبنا شيءٌ من الصمت، الصمت الذي يشعرك بالاختناق، والكتابة هي النافذة والمنفذ. تجربتي في الكتابة مع مسودة جعلتني أتقن بعض الشيء في كتابة ما يجعل القارئ يبتسم فتحوّلت المجريات إلى آفاقٍ أبعد.. وأجمل.

لذلك، أتمنى أن كل ما قمنا بحياكته مسبقًا وما سنقوم جميعًا في البودكاست بحياكته لاحقًا أن يصل إلى كل من يحتاج إليه، أن نصل إلى مواضع العجز حتى نتمكن منها، ونحن كما نتفق لن نستطيع إخماد الحروب، بل زرع الورود التي برز حصادها على وجنتي مسودة.

أنا عائشة ..كاتبة لبودكاست مُسودّة .. وعلى هذا أوقّع